الربا Flashcards
معنى الربا
لغة: الزيادة
وفي الشرع: عرفه النسفي في “كنز الدقائق” بأنه: فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال. وانظر أيضًا “البحر الرائق”. وهو عند الحنابلة: تفاضل في أشياء، ونَساء في أشياء، مختص بأشياء. وقال الشيخ دُبيان: هو الزيادة المشروطة أو المتعارف عليها في مبادلة كل ربوي بجنسه، وتأخير القبض في الأموال التي يجب فيها التقابض (المعاملات المالية).
حكم الربا في القرآن
والربا محرم بالقرآن والسنة، ولا فرق بين قليله وكثيره. أما القرآن فقوله تعالى ]وَأَحَلَّ اللهُ البَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبا[ البقرة/275، وبهذا رد الله تعالى على العرب في الجاهلية الذين كانوا يقولون: إنما البيع الذي فيه زيادة عند حلول أجل الدَّين كمثل الثمن في أول العقد. وقوله تعالى ]يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا اتَّقوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنتُم مُؤمِنِينَ ! فَإِن لَـم تَفعَلوا فَأذَنُوا بِـحَربٍ مِنَ اللهِ وَرَسولِهِ وَإن تُبتُم فَلَكُم رُءُوسُ أَموالِكُم لا تَظلِمونَ وَلا تُظلَمونَ[ البقرة/278ء279. وكان تحريم الربا سنة ثمان أو تسع من الهجرة. وبين الشيخ محمد علي الصابوني والشيخ الزحيلي مراحل تحريم الربا ءكما كان لتحريم الخمر مراحلء، وأن هاتين الآيتين هي المرحلة الرابعة، وفيهما التحريم الكلي القاطع، لا فرق بين قليله وكثيره.
حكم الربا في السنة والإجماع
وأما السنة فما رواه الشيخان عن أبي هريرة، عن النبي ر قال: “اجتنبوا السبع الموبقات”. قالوا: يا رسول الله! وما هن؟ قال: “الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولِّـي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات”، اهـ. وأكل الربا من أسباب الهلاك. وأخرج مسلم عن جابر ت قال: “لعن رسول الله ر آكل الربا ومُؤكِلَه وكاتبه وشاهديه”، وقال: “هم سواء”، اهـ، وجملة: “لعن آكل الربا وموكله” أخرجها البخاري أيضًا.
وأجمعت الأمة على حرمة ربا النسيئة، وكان في حرمة ربا الفضل خلاف في العصر الأول، ثم انعقد الإجماع على حرمته جملة.
ربا النسيئة
والنسيئة في اللغة التأخير، وشرعًا هو تأخير قبض العوضين، أو أحدهما، في تبادل الأموال الرِّبَوية المتفقة في علة ربا الفضل، ومنه الزيادة في مقدار الدين مقابل الزيادة في الأجل.
وهو المحرم بنص القرآن
ولقول النبي ص: “ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز” (خ م)، فالمراد بالناجز الحاضر، وبالغائب المؤجَّل، ويحتمل أن يراد به الغائب عن المجلس مطلقًا، وفيه تحريم النَّساء في بيع ربوي بربوي آخر، ولو مثلًا بمثل. وأخرج مسلم عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله ص: “الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مِثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختَلَفَت هذه الأصنافُ، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيدٍ”
ربا الفضل
ربا الفضل هو التفاضل في الجنس الواحد من الأموال الربوية، إذا بيع بعضه ببعض
فقد ثبت تحريمه بالسنة، وبالقياس على ربا النسيئة
وقد أخرج مالك ءومن طريقه الشيخانء، عن نافع، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ص قال: “لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مِثلًا بِـمِثل، ولا تُشِفّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الوَرِق بالوَرِق إلا مِثلًا بمثل، ولا تُشِفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز”
وأخرج مسلم عن عبادة بن الصامت قال: “إني سمعت رسول الله ص ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سَواءً بسواء، عينًا بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أَربَـى”
وقد كان في ربا الفضل اختلاف بين الصحابة، فحكي عن ابن عباس وأسامة بن زيد وزيد بن أرقم وابن الزبير أنهم قالوا: إنما الربا في النسيئة، لقول النبي ص: “لا ربا إلا في النسيئة”، رواه البخاري، وقول النبي ص: “لا ربا إلا في النسيئة”، محمول على الجنسين. والصحيح أن ابن عباس رجع عن جواز التفاضل وأخرج الحاكم عن عبد الله بن مَليك العِجلي، قال: سمعت ابن عباس قبل موته بثلاث يقول: “اللهم إني أتوب إليك مما كنت أفتي الناس في الصرف”، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي
الربا ينحصر في أربعة فصول
الأول في معرفة الأشياء التي لا يجوز فيها التفاضل ولا يجوز فيها النَّساء، وتبيين علة ذلك. الثاني معرفة الأشياء التي يجوز فيها التفاضل ولا يجوز فيها النساء. الثالث في معرفة ما يجوز فيه الأمران جميعًا. الرابع في معرفة ما يُعَدُّ صنفًا واحدًا مما لا يعد صنفًا واحدًا
الفصل الأول في معرفة الأشياء التي لا يجوز فيها التفاضل ولا يجوز فيها النَّساء
أجمع العلماء على أن التفاضل والنَّساء مما لا يجوز واحد منهما في الصنف الواحد من الأصناف التي نص عليها في حديث عبادة بن الصامت (وذكر ما تقدم من رواية مسلم)، فهذا الحديث نص في منع التفاضل في الصنف الواحد من هذه الأعيان. وأما منع النساء فيها فلكونها مطعومة مدَّخَرة
وقال البُهوتي: والأشهر عن إمامنا ومختار عامة الأصحاب، أن علة الربا في النقدين كونهما موزوني جنس، وفي الأعيان الباقية كونها مكيلات جنس
والحاصل أن ما اجتمع فيه الكيل والوزن والطعم، من جنس واحد، ففيه الربا رواية واحدة
الفصل الثاني في معرفة الأشياء التي يجوز فيها التفاضل ولا يجوز فيها النساء
فيجب من هذا أن تكون علة امتناع النسيئة في الرِّبَويات، هي الطُّعم عند مالك (علة ربا النساء مجرد الطعم على غير وجه التداوي، كان مدَّخرًا مقتاتًا أم لا) والشافعي. وأما في غير الربويات مما ليس بمطعوم، فإن علة منع النسيئة فيه عند مالك هو الصنف الواحد المتفق المنافع مع التفاضل.
وليس عند الشافعي نسيئة في غير الربويات (وهو مختار الحنابلة،
وأما أبو حنيفة فعلة منع النساء عنده هو الكيل (أو الوزن) في الربويات، وفي غير الربويات الصنف الواحد، متفاضلًا كان أو غير متفاضل
وفي “المغني”: إذا حرم التفاضل فالنساء أولى بالتحريم. وكل جنسين يجري فيهما الربا بعلة واحدة، كالمكيل بالمكيل، والموزون بالموزون، والمطعوم بالمطعوم عند من يعلل به، فإنه يحرم بيع أحدهما بالأخر نساء، بغير خلاف نعلمه
الفصل الثالث في معرفة الأشياء التي يجوز فيها التفاضل و النساء جميعا
الفصل الثالث في معرفة ما يجوز فيه الأمران جميعًا: وأما ما يجوز فيه الأمران جميعًا (التفاضل والنساء)، فما لم يكن ربويًّا عند الشافعي. وأما عند مالك فما لم يكن ربويًّا ولا كان صنفًا واحدًا متماثلًا، أو صنفًا واحدًا بإطلاق على مذهب أبي حنيفة. ومالك يعتبر الصنف المؤثِّر في التفاضل في الرِّبَويات وفي النساء في غير الربويات، اتفاق المنافع واختلافها. فإذا اختلفت جعلها صنفين، وإن كان الاسم واحدًا، وأبو حنيفة يعتبر الاسم (وكذلك الشافعي إلا أن اتحاد الجنس ليس علة للنساء عنده، في غير الربويات).
واختلفوا فيما لا يجوز بيعه نساءً، هل من شرطه التقابض في المجلس قبل الافتراق في سائر الربويات
واختلفوا فيما لا يجوز بيعه نساءً، هل من شرطه التقابض في المجلس قبل الافتراق في سائر الربويات (في بيعها ببعضها)، بعد اتفاقهم في اشتراط ذلك في المصارفة (بيع الصرف) لقوله ر: “لا تبيعوا منها غائبًا بناجز” (خ م ومالك ء1332ء). فمَن شرط فيها التقابض في المجلس شبهها بالصرف (وهو قول الجمهور، فلو تفرقَا قبل القبض بطل العقد)، ومن لم يشترط ذلك قال: إن القبض قبل التفرق ليس شرطًا في البيوع (وهو قول الحنفية في غير الصرف من الربويات، ويكفي عندهم تعيين الثمن والـمُثمَن).
حكمة تحريم الربا
وحكمة التحريم هي دفع الغَبْن عن الناس، وعدم الإضرار بهم، مما قد يظن بأن في أحد الجنسين معنى زائدًا عن الآخر، وتحريمه من باب سد الذرائع. وحكمة تحريم ربا النسيئة ما فيه من إرهاق المضطرين، والقضاء على عوامل الرفق والرحمة بالإنسان، واستغلال القوي لحاجة الضعيف، وإلحاق الضرر العظيم بالناس.
• حرمة الربا في دار الحرب:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الربا حرام في دار الحرب كحرمته في دار الإسلام، فما كان حرامًا في دار الإسلام، كان حرامًا في دار الحرب، سواء بين المسلمين وبين أهل الحرب، وبهذا قال الشافعي ومالك وأحمد،
وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يحرم الربا في دار الحرب بين المسلم وأهل الحرب، ولا بين مسلمَين لم يهاجرَا من دار الحرب. وفي رواية عن أحمد: يجوز الربا بين المسلم والحربي الذي لا أمان بينهما.
ولا يصح الاستدلال على هذا المذهب بحديث: “لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب”، لأنه لا أصل له، قال الزيلعي وابن الهمام: حديث غريب.
وقال الشافعي: قال أبو يوسف: إنما قال أبو حنيفة هذا لأن بعض الـمَشيَخة حدثنا عن مكحول، عن رسول الله ر أنه قال: “لا ربا بين أهل الحرب”، أظنه قال: “وأهل الإسلام”. قال الشافعي: وهذا الحديث ليس بثابت فلا حجة فيه.
